ماهيةالذكاء الاصطناعي
إن تحديدنا لمجال اشتغال الذكاء الاصطناعي يدفعنا إلى تحديده كعلم، وهنا نلاحظ اختلاف العلماء في تعريف علم الذكاء الاصطناعي، بين من ينظر إليه كأحد العلوم التطبيقية ويحدد الهدف الرئيسي منه في جعل الحواسيب أكثر ذكاء، والهدف الثانوي في فهم الذكاء الإنساني وجعل الحواسيب أكثر نفعا للإنسان؛ وبين من يعرفه بكونه دراسة القدرات العقلية الإنسانية من خلال بناء برامج حاسوبية تقيّس هذه القدرات. يَعتبر هذا التفسير الأخير الذكاء الاصطناعي علما يسعى لتفسير ظاهرة طبيعية إنسانية وهي ظاهرة الذكاء([1]). ويؤكد بعض المختصين في الذكاء الاصطناعي على إرادتهم تقليد نتائج الذكاء الإنساني التي تتمثل في السلوكات أو التصرفات الذكية، من خلال تقليد مخرج Output العلبة السوداء، دون تقليد الأشكال التي تتم بها داخل الذهن البشري (Le Ny،1989 : 16)، أي الاقتصار على الجانب الوظيفي للدماغ وليس الجانب البنيوي.
ويسجل نفس الباحث صعوبة تحديد مجال الذكاء الاصطناعي بدقة، إذ يرى أنه بالإمكان الاكتفاء باعتباره نوعا من الهندسة ومجالا للمعارف والبحث في نفس الوقت. يكمن هدفه الأول في إنجاز أنظمة تقوم، اصطناعيا، بنشاطات "ذكية" ومعقدة لا يستطيع القيام بها إلا الإنسان حاليا، ثم الكشف عن معارف جديدة وجمعها. أما منهجه، على مستوى الاكتشاف العلمي، فهو هذا النشاط المختلط الذي نجده لدى الإنسان والمتمثل في التعلم من خلال العمل والفعل.
إن هذا التقاطع الكبير مع الإنسان سواء على مستوى التخصص أو المفاهيم، هو الذي يدفعنا إلى تدقيقه فيما يلي من العناصر التي تشملها النقطة الموالية.
[1] علي فرغلي (1987: 215).