السيكولوجيا المعرفية والتعلم الحديث
أعد الموضوع: عبد الحق بنصناع
شعبة علم النفس
كلية الاداب والعلوم الإنسانية
ظهر المهراز - فاس
من المعلوم أن موضوع التعليم والتعلم نال عناية كبيرة في معامل علم النفس و لقي اهتماما واسعا لدى جل المدارس السيكولوجية، و سنحاول بصدد الحديث عن الموضوع محاولة إيجاد التعريف اللائق و الإحاطة بالوسائل و الإستراتيجيات الفعالة الي بواسطتها يتم بناء التعليم و التعلم ، ومن الواضح جداً أن التعليم و التعلم عرفا تحولات كبرى بين القديم والحديث ، فقد اعتبرت المدرسة منذ القدم المؤسسة التي اصطنعها المجتمع للإشراف على عملية التنشئة الإجتماعية و المدرس هو المسؤول الأول على هذه العملية المعقدة بما فيها من نقل تراث حضاري وثقافي و إكساب الطلاب العادات الجسمية الصالحة و اتجاهات المجتمع وقيمه ، و طرق التفكير و غيرها ، لهذه الإعتبارات وغيرها سنحاول في هذا الموضوع الإجابة عن النقط التي نوجزها فيما يلي :
أ ـ أهم الميكانيزمات و الإستراتيجيات الفعالة التي من خلالها نوفر تعليماً و تعلماً من المستوى المطلوب
ب ـ التكنولوجيا الحديثة و دورها في التعليم و التعلم .
إن المدرس يمارس العمليات التعليمية عن طريق مواقف تعليمية تكون أحياناً داخل حجرة الفصل و أحياناً أخرى تكون خارجها في صورة مقرر دراسي أو نشاط معين ، والواقع أن التعليم وحده هو الذي يمكنه أن ينمي طرقاً معينة للتفكير عند النشئ ويرعاها وأن خير العادات التي يجب أن نربي عليها أبنائنا هي التفكير العلمي الذي يؤسس على الملاحظة و المشاهدة الدقيقة ، والواقع أن تطور و التقدم الحضاري الذي نلمسه في مختلف أساليب حياتنا خلال القرن الواحد و العشرين ، إنم يعود إلى الطريقة العلمية في التفكير ، أما من ناحية أخرى ، فإن محاولة علماء النفس تفسير التعلم إن هي إلا محاولة لتفسير طريقة إكتساب الذخيرة الهائلة من العادات و المعلومات و المقررات التي نمارس أدائها و اكتسابها في حياتنا اليومية .
لقد ارتبط التعلم ارتباطاً قوياً بالتغير في التنظيم المعرفي ، فنحن نتعلم الحساب واللغات والمعلومات العامة وما إلى ذلك من مواد الدراسة، بل إن الذكاء نفسه عرفه علماء النفس بأنه القدرة على التعلم أو القدرة على اكتساب الخبرة ، ومعنى ذلك أن الوظيفة الأساسية للذكاء باعتباره القدرة العقلية العامة و العليا هي التعلم، و من أهم نتائج التعلم ، تنظيم الناحية المعرفية في التكوين النفسي ، و هنا تدخل قيمة التعليم ، فالتعليم ما هو إلا َّ مساعدة الطفل على إكتساب الخبرات الصالحة بأبسط الطرق الممكنة ، و لذلك كان الهدف الأساسي من التعليم هو استخراج الإستعدات إلى الوجود و تنميتها بعوامل التعلم المختلفة و وجيهها التوجيه الصحيح .
1ــ السيكووجيا المعرفية والتعلم :
في سياق ما سبق سنذكر دور السيكولوجيا المعرفية في دراساتها الدقيقة و الهادفة بحيث اشتغلت بتفكير الأطفال ونمو الذاكرة و معاجة الأفكار لديهم ، وهنا يؤكد المعرفيون أن التعلم نشاط ذهني ، فالإنسان عندما يفكر فهو يتعلم ، و عندما يتعلم فهو يفكر ، كما أن التعلم لا يكمن فقط في إضافة معارف جديدة ولكن أيضاً في طريقة تظيما وتشكيلها في بيانات .
بقي أن نشير إلى أن التعليم و التعلم عرفا طفرة نوعية حيث كانا يقتصران عى الطرق التقليدية بمحاورها الثلاث الأساسية : المعلم ـ المتعلم ـ المعلومة ، وقد وجد التعليم التقليدي منذ القدم وهو مستمر حتى وقتنا الحاضر لما له من إيجابيات تتجلها أهمها في إلتقاء لمعلم و المتعلم وجها لوجه ، ففيه تجتمع الصورة و الصوت بالمشاعر و الأحاسيس، ولكن الزيادة الهائلة في عدد السكان و عدد الطلاب و قلة أعداد المعلمين المؤهلين تربويا و الإنفجار المعرفي الهائل و ما ترتب عليه من تشعب في العلوم و القصور في مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب ، مع بروز مثل هذه المشاكل ، دعت الحاجة إلى استخدام وسائل تعليمية تساعد على التخفيف من آثارها و من أهم هذه الوسائل :
2ـ التعليم باستخدام الحاسوب :
يعتبر الحاسوب قمة ما أنتجته التقنية الحديثة ، فقد دخل الحاسوب شتى مجالات الحياة بدأً من المنزل و انتهاأً بالفضاء الخارجي ، ويهدف استخدام الحاسوب كمشروع مقترح إلى تحقيق الأمور التالية :
أـ توفير البرامج التعليمية بحيث يمكن الإستفادة منه داخل الفصل و خارجه .
ب ـ توفير الإتصال بمصادر المعلومات و نشر الثقافة الحاسوبية .
ج ـ ربط الطالب بالمدرسة خارج الدوام و الإستفادة من تجارب الآخرين من خلال مجموعات النقاش المختلفة .
د ـ التواصل بين مختلف فئات القطاع التعليمي : الطالب ـ المعلم ـ المشرف ، وذلك من خلال البريد الإلكتروني .
ه ـ حل مشكلات الطلاب الذين يتخلفون عن زملائهم لظروف قاهرة كالمرض و غيره ، حيث يكون بإمكانهم المتابعة في وقت آخر .
ذ ـ زيادة حصيلة الطالب العلمية من خلال إيجاد بيئة مشوقة و مشجعة على التعلم .
و ـ توفير المساندة للمعلم في الفصل .
ن ـ خفض معدلات الإخفاق التي تنتج عن أمور مثل :
ـ عدم القدرة على متابعة المعلم .
ـ التخلف عن الفصل لأسباب قاهرة و ما شابه ذلك .
بالإضافة إلى جهاز الحاسوب هناك وسيلة أخرى أكثر إفادةً و تشويقاً و تشجيعاً على التعلم وهي ;
3ـ التعليم باستخدام شبكة الأنترنيت :
بدأت شبكة الأنترنيت في الولايات المتحدة الأمريكية كشبكة عسكرية للأغرض الدفاعية ، ولكن بانضمام الجامعات الأمريكية ثم المؤسسات الأهلية و التجارية في أمريكا وخارجها مما جعلها شبكة عالمية تستخدم في شتى مجالات الحياة ، لذلك كانت هذه الشبكة المساهم الرئيسي فيما يشهده العالم اليوم من انفجار معلوماتي للوفرة الهائلة في مصادر المعلومات : ـ الكتب الإكترونية .
ـ الدوريات .
ـ قواعد البيانات .
ـ الموسوعات .
ـ المواقع الإلكترونية
و لقد أثر استخدام التعليم الشبكي في عملية التعليم و التعلم و يلاحظ ذلك من خلال الأمور التالية :
أ ـ سيتغيرـ أو يتأثر دور المعلم في العملية التعليمية ، فبدل أن يكون المعلم هو الكل سيصبح موجها لعملية التعلم و متعلماً في الوقت نفسه .
ب ـ زيادة مستوى التعاون بين المعلم و الطالب و تنامي روح المبادرة و اتساع أفق التفكير لدى الطالب .
ج ـ تعلم الطالب بشكل مستقل عن الآخرين يبعده عن التنافس السلبي و المضايقات .
د ـ تحول الطالب من المستقبل السلبي إلى التعلم عن طريق التوجيه الذاتي و الأكثر من ذلك سيصبح الطالب منتجاً للمعرفة بعد أن كان مستهلكاً فقط .
لقد أدرك المجتمع الحديث قيمة الثروة البشرية ، هذه الثروة البشرية التي يجب العناية بها و الحفاظ عليها و منحها كل الفرص للنمو ، و تسخير كافة الوسائل و التجهيزات حتى يستطيع المجتمع أن يجني ثمرة هذه العقول حينما تنضج و تتخصص و تبدأ في الإنتاج في مجال من مجالات النشاط الحضاري ، لأن عملية التربية و التعليم حاليا تختلف تماماً عن مجتمعات العصور السابقة ، لهذه الأسباب و غيرها يجب تكامل كل الوسائل المتاحة و الفعالة والإستراتيجيات المدروسة من أجل خدمة هدف واحد ألا وهو التنشئة الإجتماعية المبنية على أسس علمية .
المراجع :
1ـ علم النفس التربوي للدكتور : أحمد زكي صالح . العدد 16 . طبعة 1996.
2_محاضرة بعنوان " أثر استخدام تقنيات التعليم في علاج بعض صعوبات التعلم " الدكتور / عبدالله بن سعد العمري .الثلاثاء 26/8/1427هـ الموافق(19/9/2006م)