أيّتُهُما أحَقُّ بِتَنْمِيَةِ المَهاراتِ، آلقِراءَة الصّامِتَة أمِ النّاطِقَة ؟
لا شكّ أنّ هناكَ أساليبَ عديدةً لتنمية مهارات القراءة في نفوس الطّلاّبِ والباحثين، منها تدريبُهم على القراءة المعبرة عن المعنى، بوسائل شتّى، وتدريبُهم على الاهتمام بالقراءة الصامتة، لأنّها طريق إلى فهم النص حق الفهم، وتدريبهم على القراءة السليمة، ، وتدريبهم على الإقدامِ في مواقف القراءة والشّجاعةِ في مزاولتها بصوت واضح، وتدريبهم على سرعة القراءة مع سلامةِ الأداء ، وتدريبهم على الفهم وتنظيم الأفكار في أثناء القراءة، وتذوّق النصّ
وتمكينهم من القدرةِ على التّركيز ...
ولكن في مقابل ذلك كلِّه ينبغي تخصيص القراءة المُقابِلة لَها، بالحديث، وهي القراءةُ النَّاطِقة، وما يُشترط في القارئ أن يفعَلَه لكي يُنمِّيَ مَهارات القراءة النّاطقة، ولقد أولى العلماءُ هذا الموضوعَ عنايةً كبيرةً؛ لأنّهم كانوا يرونَ أنّ الشِّعرَ إنشادٌ، وكانوا يحتفون بالخُطبِ البليغةِ التي تُلْقى في المحافِلِ، وأطالَ الجاحظُ في كتابِه "البيانِ والتّبيين" في ذِكرِ شروطِ البيان النّاطق، وفصّلَ فيها تفصيلاً، وأجادَ علماءُ التّجويدِ في وضعِ المنظوماتِ والمُصنَّفاتِ التي تأخذ بيدِ القارِئِ للقرآنِ الكريم، بصوتٍ مرتفعٍ يُراعى فيه مطابقةُ التِّلاوةِ لقواعدِ التّجويدِ مخارِجَ وصِفاتٍ .
ربَّما نحتاجُ إلى موضوع في تنمية مهارةِ القِراءةِ النّاطقة، وألحّ على مَهارةِ القِراءةِ النّاطِقَةِ لأنّ ثَقافَتَنا أصبَحَتْ صامتةً، وأصبحَ التّواصُلُ في عصرِنا بالكِتابةِ والاتِّصالِ عن بُعدٍ، مِمّا اضطرَّ كثيراً من الجامِعاتِ إلى إحداثِ مادّةٍ جديدةٍ في كلّيّاتِ العُلومِ والحُقوقِ... هي مادَّةُ "اللّغة والتَّواصُل
" (Language and Communication
فَهلاّ أعدْنا الاعْتِبارَ إلى القِراءةِ النّاطِقةِ لاخْتبارِ سلامةِ المخارِجِ والصِّفاتِ، وللعودةِ بالعربيّةِ إلى فصاحتِها الأولى بعد الذي أصابَها من تجاذُبِ اللّهجاتِ التي عصفتْ بِها في مَهابِّها فأخْرَجَتْها من أصلِها إلى لغةٍ ممجوجةٍ لا يتفاهَمُ بها النّاطقونَ بالعربيّة، وكلٌّ يقولُ إنّه يملكُ الفصاحةَ
وأقترِحُ أن تُحدثَ مادّةٌ في التّدريسِ تُدْعى القِراءةَ السَّليمَة، يُحْشَدُ لَها من القَواعِدِ والموادِّ كلُّ ما ينفعُ في حسنِ الأداءِ الصّوتي، وسلامة التَّرْكيبِ النحْويّ، وتحقيق الفائِدة من النّاحيةِ الدّلاليّة
هذا مجرّد اقتراح، وهو قابِل للأخذ والرّدّ أو التّطويرِ أو الإضافةِ أو التّغيير